التنمية مفهومها واتجاهاتها - الباحث الاجتماعي Social Researcher

أحدث المشاركات

مدونة الدكتور/ عادل بن عبدالرحمن الخُضيري

الخميس، 20 مارس 2025

التنمية مفهومها واتجاهاتها

 



مرحبآ...


موضوع هذه المشاركة هو جزء من بحث أعددته سابقاً وأردت هنا إثراء المعرفة العلمية في مجال التنمية لما للتنمية من مكانة هامة  لدى دول العالم المتقدم ودول العالم النامي أيضآ، ويبدي ذلك الإهتمام صناع القرار والمفكرين،  فالتنمية عملية معقدة متشعبة الأبعاد والموضوعات ومجالاتها مختلفة، ولكل من هذه المجالات أهمية لا يمكن التخلي عن جانب دون آخر حتى تكتمل جوانب التقدم والتطور في أي مجتمع، كما أن مفاهيم التنمية متعددة باختلاف جوانبها.
ومما لاشك فيه أن التنمية تعتمد على الإنسان كأساس لتقدم أي مجتمع وتطوره ونقله من مرحلة متأخرة ومتدنية إلى مرحلة متقدمة وأعلى تطوراً ونمواً، فالتنمية عمل اجتماعي موجه لخدمة الفرد والمجتمع بالاعتماد على مقومات متعددة اجتماعية واقتصادية وسياسية وإدارية.

● مفهوم التنمية هو بلا شك عكس مفهوم التخلف فالأول نقيض الأخير.

والتنمية هي: الاستغلال الرشيد للموارد بهدف إقامة مجتمع حديث.

وقد عرفت الأمم المتحدة التنمية بأنها: 

العملية المرسومة لتقدم المجتمع اقتصادياً واجتماعياً اعتماداً على اشتراك المجتمع المحلي.

وعرفها عبدالباسط حسن بأنها:

عمليات تغيير اجتماعي تلحق بالبناء الاجتماعي ووظائفه.

وأصبح مفهوم التنمية من المفاهيم الشائعة والكثيرة الاستعمال سواء من قبل الأفراد أو الهيئات الحكومية أو الأهلية المتخصصة وغيرها لمواجهة التخلف ولتقدم المجتمعات وتطورها (شفيق،1998: 16-18).

وأعرف التنمية إجرائياً: 

بأنها النقلة النوعية في شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بحيث تكون هذه النقلة مواكبة للتطور والتقدم العالمي وفق معايير منظمة ومحددة لتعود بالنفع للفرد والمجتمع.

●اتجاهات التنمية والتخلف:

  تعددت الاتجاهات وتنوعت ومن أهمها:

-الاتجاه الجــــغـرافي

يركز على الموارد الطبيعية والأوضاع الجغرافية باعتبارها عوامل أساسية في تحديد مدى تقدم المجتمع أو تخلفه، ويندرج تحت هذا الاتجاه نظرية الحتمية الجغرافية والتي يرى روادها أن كل البلدان المتخلفة تقع في المنطقة المدارية أو المناطق شديدة الحرارة أ، شديدة البرودة، ويواكب التخلف خاصة المجالات الزراعية والصحية والتعليمية وسوء التغذية وتفشي الأمراض والأوبئة.

ذلك لا يعني تعميم النظرية على جميع الدول التي تقع في المناطق الحارة أو الباردة لوجود مجتمعات متقدمة في تلك المناطق وأن التخلف بسبب الطبيعة الجغرافية ليس عامل أساسي نهائي بل مؤثر وله دلائل.

-الاتجاه الاجتماعي

ويفسر هذا الاتجاه التخلف معتمداً على عناصر البناء الاجتماعي والعوامل الاجتماعية والعادات والتقاليد والثقافة وعدم استغلال وقت الفراغ وانتشار الفقر والجهل، وهذه العوامل المتعددة السلبية في المجتمع لها الأثر الكبير المؤدي للتخلف. ويؤكد هذه الاتجاه على أهمية الهيكل السكاني في المجتمع وخصائصه المختلفة كأحد العوامل المؤثرة في التنمية(شفيق،1998: 26-31).

-الاتجاه السـياسـي

ويشير إلى الاستعمار والتبعية والاستغلال السياسي وأن هذه العوامل تؤثر في التنمية وتقود إلى التخلف لما يترتب على تلك العوامل من أضرار على الفرد والمجتمع في مختلف المجالات، كما أن السيطرة على الموارد الطبيعية جراء الاستعمار والسيطرة على الانتاج والتجارة، كل ذلك يحتم التخلف على المجتمعات المستعمرة(شفيق،1998: 31-34).

-الاتجاه الاقتصادي: 

ويربط هذا الاتجاه بين التخلف وانخفاض معدل الدخل الفردي، حيث تتفاوت مستويات الدخل بين دول العالم، ولا يمكن أن يكون متوسط الدخل وحده قياس دقيق لدرجة النمو أو التخلف الاقتصادي ولا يمكن أن نتخذه معياراً بين الدول المتقدمة اقتصادياً والدول النامية، فهناك دول نامية يرتفع فيها مستوى الدخل للفرد أكثر من دولة أخرى متقدمة، وهناك عامل المعيشة يختلف من دولة إلى أخرى فالدول النامية تنخفض فيها تكاليف المعيشة والأسعار، مقارنة بالدول المتقدمة التي ترتفع فيها أسعار المعيشة والسلع بأنواعها.

لذا فالاتجاه الاقتصادي يعد من العوامل المؤدية إلى التخلف في البلدان وخاصة اذا كانت تلك البلدان تابعة لدول أخرى وهناك أشكال متعددة للتبعية وهي:

1-      التبعية التجارية: حيث تتبع البلدان النامية للغرب الرأسمالي في ميدان التجارة.

2-      التبعية المالية: والتي تتمثل في الاعتماد على رأس المال الأجنبي والخبرات الأجنبية.

3-      التبعية التكنولوجية: ويتمثل ذلك باستيراد الوسائل التقنية وكذلك الأيدي العاملة لتشغيل تلك التقنية وبالإضافة لقطع الغيار، وسيطرة الشركات الأجنبية على تلك الخدمات التكنولوجية واحتكار تلك الخدمات التي تقدمها.

4-      التبعية العسكرية: ويقصد هنا الانفاق على التسليح من تلك البلدان الأجنبية وكذلك الأموال التي تدفع للصيانة على تلك الأسلحة.

5.      التبعية الغذائية: ويتمثل ذلك في اعتماد الدول النامية على استيراد المواد الغذائية من تلك دول والاعتماد عليها كمصدر غذائي آمن.

         التبعية الثقافية: ويتضح ذلك في أساليب الدعاية المستخدمة تجاه البلدان النامية واستهداف ثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم، واستهلاك الفكر الغربي يتزايد بكثرة في البلدان النامية (العيسى، 1998: 132-148).

-اتجاه النماذج أو المؤشرات: ويقصد به الكم والكيف واستخدام المؤشرات الاحصائية الكمية في تحديد عناصر التقدم والانتاج والتعليم وعدد السكان والاستهلاك وغير ذلك، لقياس نسبة التقدم أو التخلف في المجتمعات.

-الاتجاه الانتشاري: ويحاول هذا الاتجاه تحديد العناصر المادية والثقافية التي يمكن نقلها من الدول المتقدمة إلى الدول النامية بهدف تنمية الأخيرة، وتشمل على عناصر: ثقافية وصناعية وتكنولوجيا (شفيق،1998: 42-46).

-الاتجاه السيكولوجي أو السلوكي: ويدرس هذا الاتجاه العمليات السيكولوجية التي يمكن بواسطتها أن تتمثل الشعوب في الدول النامية الخصائص السيكولوجية المعبرة عن تقدم الدول الصناعية (شفيق،1998: 48).

-اتجاه المكانة الدولية: يحاول هذه الاتجاه دراسة ظاهرة تخلف الدول النامية في ضوء فكرة النظام أو البناء الدولي لاكتساب رموز المكانة الضرورية التي تمر بها مكانة الدول الصناعية الرأسمالية المتقدمة (شفيق،1998: 50).

-الاتجاه الماركسي الجديد: يتناول دول العالم الثالث في ضوء النظام الدولي الشامل، مدعماً ذلك بتحليل تاريخي بنائي شامل للعلاقات المعقدة التاريخية والمعاصرة بين الغرب ودول العالم الثالث، ويشمل التصور الماركسي للتخلف نمط الانتاج بما يتضمنه من قوى وعلاقات متخلفة، كما يشمل التكوين الاجتماعي بما يتضمنه من علاقات اجتماعية ووعي اجتماعي متخلف(شفيق،1998: 51).

●التحديات التي تواجه التنمية البشرية والاقتصادية :

1. الأمن القومي.

2. العدالة والديموقراطية.

3. السكان والفقر. 

4. البطالة.

5. البيئة والمناخ والصحة والمياه ودور كل منها الهام في التنمية البشرية(الحسيني،2008: 17-60).

●وقد انتهى البحث لعدد من النتائج والتوصيات أوجزها على النحو التالي:

1- أن التنمية مطلب لكل فرد ولكل مجتمع لأن بتحقيقها تتحقق الرفاهية والسعادة.

2- الفرد هو الأساس في التنمية وتقدم المجتمع وتطوره باعتباره نسق مهم في المجتمع وهذا ما تفسره النظرية التفاعلية والنظرية البنائية الوظيفية.

3- يعد التعليم ركيزة أساسية في تقدم المجتمعات وعليه يقع الدور الكبير في توعية وتثقيف أفراد المجتمع وتنمية فكرهم وقدراتهم.

4- أن التنمية البشرية لا تتحقق إلا بوجود تعليم ذا جودة عالية ومتنوع يستمد قوته من العلوم الإنسانية والتطبيقية والطبيعية وغيرها من العلوم الاقتصادية.

5- مكانة أي مجتمع يكون بتقدمه الصناعي والتقني والاقتصادي.

6-  الاهتمام بالكفاءات العلمية الوطنية ومنحها حقوقها المادية والمعنوية.

7-  إن من أهم أسباب التخلف، الفقر والجهل والبطالة، والذي ينتج عنهم الفساد والتخلف وانتشار الجريمة.

8-  هناك الكثير من العوامل المسببة في إعاقة التنمية والتي من الممكن تداركها بوضع حلول تنظيمية لتلك المعوقات والعمل على تطبيقها والتأكد من جودة التطبيق.

9-  تحقق التنمية للفرد الرفاهية وذلك لمساهمتها برفع مستوى الدخل وتحسين الوضع الصحي والبيئي والأمني والاقتصادي بشكل عام.

10- ضرورة وضع خطط وإجراءات واضحة ومحددة تنظم أعمال المجتمع وتهدف لتقدمه وتطوره، وتحسين مخرجات التعليم والمؤسسات التعليمية للنهوض بالمجتمع.

11- المتابعة الفعالة والدقيقة لتلك الخطط وتجنب الإهمال وعدم الدقة في التنفيذ.

12- مكافحة التخلف في كل مجالاته وفي كل جوانب الحياة المختلفة لتقدم ورقي المجتمع.

13- الاهتمام بالفرد والمجتمع وبذل الجهود للحد من الفقر والبطالة ووضع تنظيمات للتقليل من الاعتماد على العمالة الأجنبية ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة لأفراد المجتمع.

14- ضرورة الاهتمام بجودة التعليم ومخرجاته وإنشاء المؤسسات التعليمية والتثقيفية التي من واجبها وضع الخطط التنموية والتوعوية لأفراد المجتمع.

15- ضرورة الاهتمام بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة وإنشاء مؤسسات استشارية تساعد في وضع خطط و تقديم الاستشارات لتلك المشاريع لتحافظ على ديمومتها واستمراريتها وتجنب توقفها.

 

قراءة مُثرية ودُمتم بخير.

مراجع البحث:

- إبراهيم، محمد عباس(2000)، التنمية والعشوائيات الحضرية( اتجاهات نظرية وبحوث تطبيقية)، دار المعرفة الجامعية، مصر.

- بدرالدين، غسان(1993)، جدلية التخلف والتنمية، الطبعة الأولى. بيروت.

- الحسيني، عبدالحسن(2008)، التنمية البشرية وبناء مجتمع المعرفة، الدار العربية للعلوم ناشرون، لبنان.

- شفيق، محمد(1998)، خصائص النمو الحضري، قضايا ومشكلات، الطبعة الثالثة، المكتب الجامعي الحديث، الاسكندرية.

- قنوص، صبحي محمد(1994)،دراسات حضرية(مدخل نظري)، الدار الدولية للنشر والتوزيع، الجماهيرية العظمى.

- العيسى، جهينة و زكريا، خضر و الغانم، كلثم(1999)، علم اجتماع التنمية. الأهالي.

- نوري محمد، تصميم البحوث في العلوم الاجتماعية والسلوكية، الجزء الأول، خوارزم، الطبعة الأولى، جده.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بك.

أحدث المشاركات

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

عن المدونة

author SOCIAL RESEARCHER مدونة الدكتور عادل بن عبدالرحمن الخُضيري