الحتمية التقنية والحتمية الاجتماعية - الباحث الاجتماعي Social Researcher

أحدث المشاركات

مدونة الدكتور/ عادل بن عبدالرحمن الخُضيري

الأربعاء، 10 مارس 2021

الحتمية التقنية والحتمية الاجتماعية



مرحبآ...

في هذه المشاركة سنتعرف على مفهوم الحتمية التقنية والحتمية الاجتماعية والتي تعد من المفاهيم المتداولة في مواضيع التغير التقني والاجتماعي.

فقد عُرف مصطلح الحتمية التقنية مع بداية عشرينيات القرن الماضي، حيث صاغه الاقتصادي وعالم الاجتماع الأمريكي النرويجي الأصل ( ثورستاين فبلن ) ويعتبر الأكثر طرحاً لهذه النظرية في التغير الاجتماعي، ويمكن رؤية بوادر التغير التكنولوجي في المجتمعات البشرية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وبخاصة لدى كل من الأمريكي

( لويس هنري مورغن ) والألماني ( كارل ماركس ) حيث أكد ( لويس مورغن ) أن التقدم في النظام الاجتماعي الإنساني حدث مبدئياً بسبب التغيرات في انتاج الغذاء وبسبب التغير التكنولوجي حيث تطور المجتمع البشري من مرحلة الصيد إلى البربرية ثم إلى المجتمع الحضري.

أما ( كارل ماركس ) فترتكز نظريته إلى التفسير التكنولوجي للمجتمعات البشرية، فهي تتبنى العامل الاقتصادي باعتباره هو الذي يحدد أساس المجتمع وتطوره ويحدد التنظيم الاجتماعي للإنتاج، ويؤكد أن العامل الاقتصادي يتكون من الوسائل التكنولوجية وبذلك فالبناء الذي يعتبره هو البناء التحتي إلى الفوقي ويشكله في نظمه السياسية والقانونية والأخلاقية وعموم البناء الاجتماعي، ويقابل كل مرحلة تطور في قوى الإنتاج، وحدد قوى الإنتاج في الآلات والأفراد المستخدمين للآلات والمعارف التقنية للإنتاج.

كما اشتهر في الحتمية التقنية عالم الاجتماع الأمريكي ( وليام أوجبرن ) فقد عرف بتطبيقه لطرق إحصائية لحل وتفسير مشكلات العلوم الاجتماعية واشتهر بفكرة التخلف الثقافي وهي الظاهرة التي تحتم على المجتمع أن يعيد تنظيم نفسه بعد كل اختراع وتقدم تقني، حتى تتكيف كل عناصره وتسير جوانب الثقافة المادية والمعنوية جنباً إلى جنب، أي أن العناصر المادية تتغير بسرعة أكبر من العناصر اللامادية ( المعنوية ) في المجتمعات الإنسانية وأطلق في المتغير الأول المتغير المستقل والتغير المعنوي هو المتغير التابع أو المعتمد علية.

تعتبر نظرية فبلن في التغير الاجتماعي أكثر تأكيداً على الحتمية التقنية، وهي أن التكنولوجيا  هي التي تحدد العلاقات الاجتماعية والإنسانية والثقافية وأن الانسان نتاج لما يصنه وأن النظم الاقتصادي بمثابة العناصر البنائية للآلة التقنية، وبذلك فإن تغير المجتمعات تبعاً لتغير قوة التكنولوجيا والمهارة التكنولوجية.

ومن العلماء المؤيدين للنظرية التكنولوجية العالم ( ماير نمكوف) الذي درس أثر التقنية في الأسرة واحداث التغيرات الاجتماعية فيها.

والألماني ( ماكس فيبر ) ذهب إلى سبق الجانب المادي على الجانب اللامادي في التغيير الاجتماعي وكذلك الأمريكي  ( ماكيفر ) في ذهابه إلى التغيير بواسطة ثقافة الانسان والتكنولوجيا المتغيرة.

ونظرية ( نيل سملسر ) التي ترتكز على التنمية الاقتصادية وعلى التمايز كركن أساسي للتحديث بفعل الانتقال من استعمال التقنيات البسيطة إلى تطبيق المعرفة العلمية ويرى أن التقنية هي أداة التغيير الإيجابي نحو الأفضل.

 أما الحتمية الاجتماعية:

 فهي في الجانب المقابل عكس الحتمية التقنية وتنظر أن العناصر والقوى الاجتماعية بأنواعها هي التي تملك زمام التطور التكنولوجي وأهمها عنصر الثقافة.

حيث أن الثقافة هي التي تميز الانسان عن غيره من الكائنات واشتهر بهذا الاتجاه الأمريكي ( لزلي وايت ) والذي درس تطور الثقافة، كدراسة علمية عرفت بعلم الثقافة، حيث ركز على التقدم الثقافي نتيجة التطور التقني.

وكان طرحه بأن المجتمعات البشرية تبنى ثقافياً بواسطة المادية التكنولوجية التي بدورها تبنى اجتماعيا بفعل التطور الاجتماعي بمعنى جدلية الاجتماع والتقنية، ويأتي ( كارل ماركيوز ) برؤية الانسان ذو البعد الواجد والتي تعبر عن ضرورة تحرر الانسان من الاقتصاد المسيطر على حاجات الناس منتقداً الرأس مالية المتقدمة والشيوعية وكان مرتكزه أن المجتمع الصناعي المتقدم خلق حاجات وهمية خاطئة والتي بدورها دمجت الافراد في النظام القائم للإنتاج والاستهلاك عن طريق وسائل الاعلام والدعايات، فكان ناقداً للرأس مالية وداعياً إلى الاشتراكية المتحررة.

إضافة إلى تأكيده على البعد الجمالي الكامن في الثقافات والذي من شأنه أن يقود إلى التحرر كما رأى صعوبة فصل التقنية والعلم عن السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة بعمومها.

كما أيد الأمريكي(أندرو فينبرج  ANDREW FEENBERGماركيوز في أن التقنية حتمية اجتماعية.

وكان طموحه تفعيل معنى "دقرطة التقنية" أي أن يسهم أفراد المجتمع العاديون في تطويرها بإعادة تركيب آليات استخدامها وذلك بما يفي بحاجاتهم ويلبي رغباتهم المعيشية.

وأراد أن يوضح كيف يمكن للتقنية أن تكون جزاً من عملية الدقرطة وكيف أن التقنية يعاد بناؤها وتركيبها لتحقيق الحاجات الضرورية للإنسان.

ويرى أن التقنية ميدان نضال وأن التقنية ليست حتمية وليست محايدة، وعرف عن المفكر الأمريكي ( أندرو فينبرج ) بأنه من أصحاب الحتمية الاجتماعية، وكان طموحه تحقيق معنى دقرطة التقنية أي أن يسهم أفراد المجتمع العاديون في تطويرها بإعادة تركيب آليات استخدامها.


قراءة مُثرية ودُمتم بخير.


المـراجـع:

- رحومة, د. علي محمد(الانترنت والمنظومة التكنو اجتماعية)2005م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بك.

أحدث المشاركات

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

عن المدونة

author SOCIAL RESEARCHER مدونة الدكتور عادل بن عبدالرحمن الخُضيري